dimanche 28 novembre 2010

«الشروق» تفتح ملف الذهب في تونس: طابع الدولة قابل للتدليس.. والقطاع يحتاج إلى تأهيل


٭ «الشروق» ـ (مكتب صفاقس):
الحديث عن الذهب له شجونه الخاص، لكن شجون الحديث قد تنقلب إلى تشنج إذا ما خرج الحديث عن الذهب من دائرة الزينة والجمال إلى دائرة القوانين الصارمة وأحكام السجن وتدليس الطابع..
«طابع الدولة» في تونس دلس في أكثر من مناسبة، فهناك صنائعية أجانب لهم القدرة على استنساخه، وقد ضبط في تونس في أكثر من مناسبة «طابعا مدلسا».. بل الغريب أن بعض هذه الطوابع التونسية وغير تونسية تباع في بعض المعارض الدولية بأسعار بخسة ورخيصة..
توجهات الدولة ساعية في هذه الفترة إلى التخلص من طابعها، لتترك المجال وفي إطار تحريرها للقطاع لـ«طابع العرف» أي ختم صنائعي الذهب المحترف والمعترف به..
في تونس فاق«صناع الذهب» من المحترفين 1300«عرف»، نصفهم تقريبا من صفاقس.. لذلك فضلت «الشروق» فتح ملف الذهب في صفاقس..
وكما اخترنا أن نفتح الملف في صفاقس، اخترنا كذلك هذه الفترة بالذات باعتبارها فترة مخاض لقوانين جديدة تسعى إلى تحرير قطاع الذهب ليخرج من سلطة الدولة إلى سلطة الأفراد، لكن دائما تحت ضمان الدولة وإشرافها..
«التحرير» قوبل برأيين متضاربين مختلفين تماما، ففي حين استبشر البعض للتحرير ورأى فيه تسريحا للقطاع من القيود الصارمة وخلق سبل جديدة للتنافس والمنافسة، رأى البعض الآخر في التحرير فتحا للباب على مصراعيه للدخلاء، وللمضاربة، وللتدليس..
الإتفاق الوحيد الحاصل بين المجموعتين هوضرورة تأهيل القطاع وهي النقطة التي حصل فيها الخلاف مجددا، ففي الوقت الذي ينادي فيه البعض منهم بتأهيل القطاع ثم تحريره، يرى البعض الآخر على ان التأهيل لا يتم إلا بعد التحرير.
تضارب واختلاف
والواقع، انه حين أردنا فتح موضوع الذهب اصطدمنا بحقائق هامة أولها ارتفاع سعر الذهب في السوق العالمية وبالتالي الأسواق الداخلية، ثانيها تدهور قيمة الذهب التونسي في السوق العالمية، وثالثها تراجع مداخيل الصائغية بالأداءات المفروضة وبتراجع الإقبال، ورابعها وهوالأهم وجود كميات من الذهب «المكسر» التي لا تحمل طابعا تقدر بالمليارات لكنها لا تدخل في الدورة الاقتصادية باعتبارها تباع وتشترى في غفلة من الجميع بما فيها رقابة الدولة.
مجموع هذه المعطيات وضعناها في الاعتبار ونحن نحاور الشقين المختلفين، الشق الأول يمثله أعضاء غرف الصائغية وتعاضديات الذهب السادة وجيه المصفار والباشا الزواري ومحمد اللوز وهم الذين يمثلون الشق الذي ينادي بضرورة تأهيل القطاع ثم تحريره مع الإبقاء على طابع الدولة ضمانا للحرفيين، والشق الثاني يمثله السادة الحبيب كمون وخالد غربال ومحمد عبد الكافي وينادون بضرورة تحرير القطاع انسجاما مع التوجهات العالمية في التحرير وخدمة للقطاع الذي يتعثر..
لكل من الشقين رأيه وأدلته وتحليله، ففي الوقت الذي يصر فيه «الشق المعارض للتحرير» على ضرورة إبقاء الحال على ما هو عليه، ينادي الشق الآخر بتحرير الذهب، بل وبالإسراع في ذلك باعتبار أن كل دول العالم تقريبا اتجهت إلى التحرير منذ سنوات خلت وقد نجحت التجربة معهم بشكل لافت للنظر.
وحتى لا نسبق كلام المتحدثين، نقول إن السادة وجيه المصفار والباشا الزواري ومحمد اللوز يرون أن «طابع الدولة» هو حماية للصائغي من التلاعب بـ«طابع العرف»، فالتجربة أثبتت أن طابع الدولة نفسه معرض للتدليس فما بالك بطابع العرف ؟.
وللاستدلال على رأيهم، يقول هؤلاء انه مع تحرير الفضة سنة 1999 كثرت السلع المغشوشة، وأكيد انه مع التخلي عن طابع الدولة في الذهب ستكثر السلع الوافدة والمغشوشة و«الذهب المكسر» الذي ملأ السوق وفتح الأبواب على مصراعيها للتدليس.
الدخلاء، وحسب تعبير هؤلاء، وفي غياب طابع الدولة، سيقتحمون القطاع وسيلوثون سلوكياته وأخلاقه مع التلاعب بعياراته وهو ما سيضر بالمستهلك قبل أن يضر بالصائغي الذي سيصبح لاحقا محلا للتتبعات العدلية بتجاوزات يرتكبها المارقون عن القانون الذين سيجدون أرضا خصبة للتلاعب بالذهب المهرب وSemi Fini والتي سيتم طبعها بطابع العيار وطابع العرف دون مراقبة الإدارة.
المعارضون لتحرير الذهب ينادون في هذه الفترة بتأهيل القطاع الذي تراجع في السنوات الأخيرة تراجعا كبيرا تزامن مع ارتفاع سعر الغرامات الذي بلغ 60 دينارا للغرام الواحد، والتأهيل عندهم هوالمدخل الصحيح والمنهجي لتحرير القطاع الذي لم يعد يدر مرابيح على الصائغية نظرا لارتفاع الأسعار الذي صاحبه ارتفاع في الآداء الموظف على الذهب والمحدد بـ 16 بالمائة وهوما يساوي في هذه الفترة تقريبا بـ 10 دنانير و300 مليم على الغرام الواحد.
آن الأوان للتحرير
وخلافا لهؤلاء، يرى السادة الحبيب كمون وخالد غربال ومحمد عبد الكافي الذين يمثلون الشق المنادي بتحرير القطاع انه آن الأوان لتحرير القطاع، بل أن تونس تأخرت كثيرا لتحرير الذهب الذي تحرر في كل دول العالم تقريبا وباتت تونس تمثل نشازا في الغرض الشيء الذي أثر على مردودية القطاع المربح دوليا ووطنيا.
ويقول هؤلاء إن أعضاء التعاضديات ليس لهم محلات أصلا، بل هم يكتفون باقتناء الذهب على حالته وبيعه لأصحاب المصانع والاستفادة فقط بهامش الربح دون العمل في القطاع وتطويره وهو ما ضيق على العاملين النشيطين في القطاع.
ويرى هؤلاء أن في تحرير القطاع إعادة للاعتبار للصائغي وفتح باب المنافسة الشريفة وتوسيع قاعدة العاملين في المصوغ وانه من غير الممكن تأهيل القطاع وهو غير محرر، فلا مدخل صحيح للتأهيل إلا بالتحرير.
ويضيف المتحدثون ان تحرير القطاع يهدف إلى إعادة تأهيله في اتجاه رفع القيود عن منظومة التزود بالمادة الأولية مع رفع القيود عن المنظومة الترويجية بالسوق المحلية والسوق السياحية التي اتسعت في السنوات الأخيرة وباتت تستقطب 7 ملايين سائح.
ويقول السادة الحبيب كمون وخالد غربال ومحمد عبد الكافي المدافعون عن مشروع التحرير إن هذا الأخير ـ أي التحرير ـ سيمكن الحرفي لاحقا من اقتناء الذهب بسعر أقل وبأسلوب أيسر وأعم وأشمل حتى لا يبقى هذا الإختصاص حكرا على مجموعة فقط وحتى يتسنى للشباب اقتحام عالم الذهب وخاصة من المتحصلين على شهائد عليا في الإستثمار وغيره وصناعة الذهب.
ومع حرص هؤلاء على ضرورة تأهيل قطاع الذهب اقتداء بالتجارب السابقة في تركيا وغيرها، يقول المدافعون عن التحرير إن تحرير قطاع المصوغ سيمكن الدولة من دمج الكميات المتوفرة حاليا في الأسواق والمعبر عنها بـ«الذهب المكسر» لتدخل في الدورة الإقتصادية للبلاد لإعادة تصنيعها والإستفادة منها، ثم إن تحرير القطاع وحسب منطوق القوانين والتراتيب الجديدة لا يعني الإستغناء عن المراقبة التي ستبقى سارية المفعول ضمانا للصائغي والمستهلك وللقطاع.
قطاع الذهب له شجونه الخاص، وما عرضناه من آراء متضاربة ومختلفة قد يشكل مدخلا صحيحا لدراسة الموضوع بأكثر عمق..

٭ راشد شعور

Source: http://www.alchourouk.com/detailarticle.asp

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire