صايغية صفاقس : إلغاء طابع «المطابقة» يفتح الباب أمام التهريب والسوق السوداء

يستعد قطاع المصوغ قريبا للمرور الى مرحلة جديدة على مستوى الهيكلة تجسدت عبر عدد من القرارات التي تم اتخاذها خلال المجلس الوزاري المنعقد يوم 5 ماي الماضي، والمتمثلة أساسا في التوجه نحو تحرير القطاع، والتخلي عن نظام ضمان الدولة لمطابقة العيار وبالتالي إلغاء طابع المطابقة، وتحرير استعمال آلات صبّ المعادن، مع مواصلة العمل بوضع طابع العرف، وطابع العيار.

هذا المشروع وإن كان يهدف حسب الجهات المعنية الى النهوض بالقطاع، إلا أنه أثار العديد من التحفظات والمخاوف لدى الحرفيين من خلال نتائجه التي يمكن أن تؤثر سلبا في رأيهم، على سير عمل القطاع.

طابع «المطابقة»... واشكالية الضمان

السيد البشير الجمل رئيس نقابة وتعاضدية المصوغ بصفاقس والجنوب عبّر عن تحفظه على هذا المشروع، مؤكدا على ضرورة مواصلة العمل بوضع طابع المطابقة، الضامن الوحيد لجودة المنتوج التونسي، معتبرا أن قرار التخلي عنه سيفتح الأبواب أمام المتحيلين للتلاعب بالعيارات مما سينتج عنه تضرّر المستهلك والحرفي على حدّ سواء، إضافة الى أنه سيوفر أرضية خصبة للدخلاء للعبث بالقطاع عبر تسريب كميات كبيرة من السلع المستوردة والمهربة أو ما يصطلح على تسميته بذهب «التكسير» وختمها بطابعي التعيير والعرف دون خضوعها لمراقبة الدولة، متسائلا في ذات الاطار عمن سيضمن للحرفي ألا  يتم تدليس طابع العرف أي طابعه هو؟ ومن سيحميه في مثل هذه الحالة؟!..

وفي ذات السياق يستدل السيد عادل القسمطيني الوسيط لدى الحرفيين بسنوات التسعينات التي شهدت إلغاء طابع الفضّة الذي فتح المجال آنذاك للغش باعتماد مادة «الليط» المستعملة في صنع أغطية القوارير الغازية والكحولية وعرضها للبيع على أساس انها مادة فضية خام، وهو ما اضطر فيما بعد العودة للعمل بنظام طابع الفضة، فالسلع «المضروبة» تسجل حضورها في السوق حتى في وجود طابع المطابقة، فما بالك عند إلغائه، مستشهدا برفض دار الطابع لثلاث كميات كبيرة من الذهب تولى نقلها بنفسه بتاريخ 5 أوت 2010 المنقضي نتيجة عدم مطابقتها للمعايير المطلوبة.

آداءات مجحفة...

دعا السيد الشاذلي القرمصلي نائب رئيس غرفة المصوغ بالعاصمة من جهته الى التخفيض في نسبة الآداءات التي أثقلت كاهل الحرفي، والتي تصل نسبتها الى حدود 16 % على خلاف عدة دول أخرى في العالم كتركيا وسويسرا والسعودية وإيطاليا وليبيا بنسبة لا تجاوز 3 % وهو ما ساهم في تأزيم أوضاع القطاع، وفي تقليص عدد الحرفيين الذي كان يبلغ حوالي 1300 حرفي موزعين على مختلف جهات الجمهورية، ليتراجع في السنوات الخمس الأخيرة الى قرابة النصف.

وبدوره أشار الهادي بوعزيز نائب رئيس غرفة المصوغ بصفاقس الى أن الارتفاع المشط في الآداءات ، إضافة الى انتشار الأسواق الموازية، وتعمّد البعض استعمال الطابع المدلس، دون إهمال الارتفاع الكبير لأسعار الذهب في الأسواق العالمية أدى الى تراجع رهيب في كمية الذهب المخصصة لتعاضدية الهلال الذهبي للمصوغ بصفاقس والجنوب التي تحصلت سنة 2009 على كمية تقدر بـ 126 كغ و400 غ نقصا، في حين أنها  من المفترض أن تتسلم كمية تصل الى طن واحد و400 كغ موزعة على أكثر من 500 حرفي.

ما الحل؟

هكذا أجمع حرفيو قطاع المصوغ بصفاقس والجنوب على ضرورة التخلي عن قرار إلغاء طابع المطابقة، وإعادة النظر في عدد من نقاط مشروع قانون تحرير قطاع المصوغ، وذلك بالعمل على تشريك أهل المهنة عند صياغته، هذا الى جانب التخفيض في نسبة الآداءات، والقضاء على السوق السوداء، كما نادوا بإعادة الحياة الى مجالس الحرفيين علها تساهم في الحد من الازمة التي يتخبط فيها القطاع من خلال دورها في التصدي لكل أشكال التهريب والمحافظة على أخلاقيات المهنة.

دنياز المصمودي - أنور الغريبي

Source: http://www.assabah.com.tn/article.php?ID_art=43596