بدأ يثبت يوما بعد يوم أن هناك مؤامرة مدبّرة محكمة التنسيق للفتك بالاقتصاد الوطني و تخريب مؤسساته وصولا إلى إفلاس البلاد. لقد توخي أصحاب المؤامرة منهجية تتمثل أساسا في سياسة الاعتصام أمام المؤسسات الاقتصادية و حذو الإدارات العامّة لبعض المنشآت الصناعية بدعوى طلب التشغيل و قد تمّ تسخير عدد من الشباب و الكهول الذين لا يتمتعون بشغل قار لتنفيذ هذه الخطّة المحكمة حيث يتم تثبيثهم في هاته الأماكن الحساسة و تنصيب الخيام اللازمة لإيوائهم ثم مدّهم بصفة متواصلة بما يحتاجونه من مؤونة و شرب بمختلف أنواعه.
و قد حاول المسؤولون عن هاته المؤسسات سواء كانت عمومية أو خاصّة و بالتعاون مع السلط الجهوية إيجاد حلول لتشغيلهم و الوصول إلى اتفاقيات يرضون بها و ذلك بطبيعة الحال على حساب المنشآت الصناعية المعنية و لكن و بعد الاتفاق ببضع ساعات يعود الحال إلى ما كان عليه أو بأكثر حدّة حيث يرتد المعتصمون و بسقف جديد من المطالب سواء فيما يخصّ نوعية الشغل أو الأجر أو عدد العملة إلخ..... كلّ هذا و بطبيعة الحال بإيعاز من مدبرّي المؤامرة و الساهرين على عملية التنسيق بين مختلف الجهات في أغلب مناطق الجمهورية.
من أهمّ القطاعات المتضرّرة من هذه المؤامرة هو قطاع الفسفاط و الأسمدة حيث يشغل حاليا هذا القطاع بصفة مباشرة ما يناهز الـ 10 آلاف عون بالإضافة إلى مئات الآلاف المنتفعين من القطاع بصفة غير مباشرة.
لقد انطلقت المؤامرة بشلّ النشاط في الحوض المنجمي وذلك بتكريس عدد هام من الشباب للاعتصام مطالبين بالتشغيل لدى شركة فسفاط قفصة بغية تركيع المؤسسة وإفلاسها طالبين منها الرجوع بعدد العملة إلى الرقم المعتمد منذ 30 سنة لمّا كان الفسفاط يستخرج من الداموس من باطن الأرض عن طريق عمال المناجم في حين أنّ كلّ الفسفاط أصبح منذ سنوات يستغل من المناجم السطحية بواسطة الآلات والمعدّات الضخمة التي تمّ اقتناءها للغرض وتمّ بالتوازي مع ذلك تسريح عملة المناجم شيئا فشيئا والإبقاء بالأساس على الفنيين ذوي الكفاءة لتشغيل هذه المعدّات. فهل يعقل أن يتمّ إرجاع هذه المؤسسة إلى الوراء والعودة إلى استغلال الفسفاط عن طريق الداموس لتشغيل شباب منطقة الحوض المنجمي.
هكذا تستمرّ المؤامرة وكلما يتمّ التوصل إلى حل لتشغيل عدد من المعتصمين إلاّ وتنطلق المطالب من جديد ويتمّ التنكّر لما تمّ الإتفاق في شأنه. هذا وتنسج خيوط المؤامرة الخطيرة بدقّة محكمة بحيث تمّ العمل على تغذية نزعة العروشية والقبلية في المنطقة و هي التي تمّ القضاء عليها منذ حولي 60 سنة وذلك لإبرازها على السطح من جديد بحيث يحول فيما بعد الوصول إلى أيّ حل يرضي الجميع.
تواصل المخطّط الجهنّمي في هذا الميدان حيث تمّ بنفس الطريقة تسخير مجموعات مماثلة حذو مصانع تحويل الفسفاط وصناعة الأسمدة التابعة للمجمع الكيميائي التونسي بكل من صفاقس و قابس والصخيرة والمظيلة وبنفس طريقة الإعتصام وبنفس المطالب، ثمّ الإتفاقيات ثمّ العودة إلى نقطة الصفر ثمّ تعطيل العمل بالمصانع وعدم السماح للعملة بالوصول إلى أماكن عملهم ثم الحواجز بالطريق العام إلخ...
وهكذا تمّ شلّ القطاع بصفة كلية والقضاء على أهم مصدر للثروة المعدنية بالبلاد التونسية والذي كان من المفروض أن يقوم بتحويل ما يناهز الـ 8 مليون طن من الفسفاط خلال سنة 2011 ويوفّر للبلاد مئات المليارات لتوفير مصادر الخبز و المؤونة الضرورية لغذاء المواطنين.
إنّ هذه المؤامرة الخطيرة وفي صورة عدم التصدّي لها بكل شجاعة وجرأة من طرف المسؤولين بالدولة في الدرجة الأولى بإستعمال كلّ الوسائل المتاحة وكذلك من طرف المواطنين للتصدّي لخيوط هذه المؤامرة والعمل على إحباطها مع حثّ وسائل الإعلام على إبراز خطورة هذه الوضعية وإنعكاسها السلبي والخطير على الإقتصاد الوطني وذلك بفضح خيوط المؤامرة والتشهير بالأساليب المتبعة لذلك مع تحسيس المواطنين بمدى تأثير هذا القطاع على موارد الدولة وبالتالي على أهم مصادر صندوق التعويض ومن ثمّ لقمة عيش المواطنين.
تجدر الإشارة أخيرا إلى أنّه وفي صورة عدم مجابهة هذا الوضع بصفة جدية وعاجلة فإنّه سيؤدي وفي وقت وجيز إلى إفلاس البلاد والعودة بها إلى عهود الإنحطاط والتخلف والظلام خصوصا وأنّ من دعائم هذه المؤامرة إحياء وتغذية الجهويّات والعروشيّة والقبلية بين المواطنين.
مجموعة من المهندسين الوطنيين في 17 مارس 2011
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire