أحد العائدين من جحيم ليبيا
إستقبل مطار صفاقس زوال يوم الجمعة 25 فيفري 2011 طائرة كانت تقلّ حوالي 260 راكبا فرّوا من جحيم ليبيا الملتهبة بنار الثورة نحو مصر ومن هناك وفّر لهم صاحب الشركة الّتي يعملون بها طائرات لتأمين عودتهم إلى تونس، وتحديدا إلى مطار صفاقس ولم يكتف بذلك بل وفّر لهم أيضا كل وسائل النقل اللاّزمة لتحملهم إلى مختلف مدن الجمهورية الّتي ينتمون إليها، موقع الصحفيين بصفاقس كان حاضرا هناك ليرصد عودة قسم هام من ابنائنا ولم نكن بحاجة إلى أن نسأل هذا أو ذاك، فمنذ أن حطّت اقدام المسافرين على ارض المطار وكثير منهم يصيح ويبحث عن الإعلام ليبلغ رسالته وينقل ما عاشه وقاساه التونسيون هناك ممن انيط بعهدتهم حمايتهم فإذا بهم أول المتخاذلين والمتأخرين عن تأدية واجبهم، وقد تعالت الاصوات في بهو المطار وهي تصيح "يا توانسة بن علي مازال يحكم بن علي مازال يحكم، وما شاهدناه هناك يؤكد أنّ شيئا لم يتغير لاثورة ولا حكومة" بقية التفاصيل مع تصريحات تشي بالكثير اترككم معها في سياق التحقيق التالي
الثورة فاجأتنا والليبيون حمونا
ربما وجب علينا الإشارة بداية بأنّ التونسيين الّذين قدموا الى المطار يوم امس كانوا يشتغلون بمناطق ليبية مختلفة مثل بنغازي والكفرة والبيضاء وجالو وإن إجتمعوا في الايام الاخيرة ببنغازي في رحلة البحث عن حلول للعودة إلى أرض الوطن سالمين، وقد أكّد أغلب من إستجوبناهم بأنّ الثورة الليبية قد فاجأتهم بالفعل وأنّه قبل يوم واحد من إندلاعها لم يكن هناك ما يشير إلى أنّ الأمور ستتطوّر إلى هذا الحد، على أنّه ومع إشتداد المعارك بين شباب الثورة وقوات القذافي، أصبح خروجهم من المنازل شبه منعدم خوفا على حياتهم خاصة بعد خطاب سيف الإسلام القذافي الّذي ألّب كثيرا من الليبيين على الشعب التونسي بعد إتهامه إياهم بالمشاركة في قتل الليبين وتوزيع المخدرات بالإضافة إلى خوفهم من بطش المليشيات المسلحة التابعة للعقيد الليبي والتي كانت تتوعد كل تونسي بالويل والثبور بسبب ما يعتبرونه من أنّ الشباب التونسي هو الّذي كان وراء قيام هذه الثورات في الوطن العربي، وقد أكّد هؤلاء الشباب العائدين بأنّ الليبيين من أبناء المناطق التي كانوا يعملون بها وفّروا لهم جميع المستلزمات من شرب وأكل وحماية لدى التنقل وقد وجدنا إجماعا عاما على توجيه كل رسائل الشكر إلى أبناء ليبيا الشرفاء ممن وقفوا إلى جانبهم ولم يتخلوا عنهم بالرغم من محنتهم تلك دون أن يفوت ايّ واحد ممن إلتقيناهم أن يترحم على شهداء الثورة بليبيا وعلى شجاعة أبنائهم ومواقفهم الرجولية والّتي جسّدت بالفعل الروابط الأخوية التي تجمع بين الشعبين الشقيقين مع الدعاء للثورة الليبية بالنجاح والقدرة على دحر دكتاتور فتك بالبلاد والعباد دون رحمة أو شفقة وكأنّه يقاتل أعداءه وليس أبناء رعيته
حكومة تتراخى في نجدتنا والقنصل يقول لنا ما عندي ما نعمللكم
بعد تحرير بعض المناطق من سيطرة القذافي وقواته قام اغلب التونسيين العاملين بالمناطق المذكورة سابقا إلى اللجوء إلى بنغازي المحررة والتي وجدوا فيها كل الرعاية من جانب الأشقاء الليبيين وكانوا ينتظرون الشيء نفسه من ممثل الحكومة التونسية ما بعد الثورة، ونعني هنا القنصل التونسي ببنغازي ولكنّ النتائج كانت بالفعل مخيّبة للآمال وبإمتياز فقد ذكر هؤلاء العائدون أنّهم كانوا يتصوّرون بأنّ عقلية المسؤول قد تغيّرت بقيام الثورة وتغيّر الاوضاع في تونس ولكنهم أكّدوا بأنّ دار لقمان بقيت على حالها بل لم يجدوا من هذا المسؤول وبإتصالهم بغيره من المسؤولين السياسيين بهذه الحكومة سوى التسويف والمماطلة ، "لم يكن لنا من حلّ سوى اللجوء إلى قنصليتنا ببنغازي" أكّد اغلب من إستجوبناهم، ولكن الردّ كان تقريبا واحدا، "ما عندي ما نعمللكم"، وقد قال آخرون بأنّهم حين كانوا يتصلون بالقنصل كان إمّا لا يردّ عليهم أو يقطع عليهم المكالمة بعد أن يقول لهم "حتى نشوف روحي أنا كيف سأخرج من هنا" الاكثر من ذلك أكّد لنا شهود عيان بأنّ صورة الرئيس المخلوع لازالت معلّقة في مكتب القنصل، وقد أيّد هذه الرواية أكثر من شاهد عيان وقالوا بأنّ الدليل بالصوت والصورة على ذلك يحمله زملاؤهم ممن سيأتون على الطائرة الموالية المنتظر وصولها الى صفاقس يوم غد وبأنّهم سيقومون بفضح هذا القنصل ، مؤكدين بأنّ صورة الرئيس المخلوع وهي معلقة بعد في مكتب القنصل قد صدمتهم وأكّدت حسب قولهم المخاوف التي يحملها ملايين التونسيين كنقاط إستفهام حارقة حول هذه الحكومة التي بات من شبه المؤكد أنّها مازالت تعمل بأنفاس بن علي ، وهو ما حدا بالبعض أن يقول أنّه عازم على الإلتحاق ببقية التونسيين المعتصمين بالقصبة بتونس لأنّه أصبح على يقين بأنّ الحكومة الحالية وخاصة بعد المماطلة وسوء المعاملة التي لقوها من المسؤولين هناك أنّ شيئا من وضعها السابق لم يتغيّر، وأنّه لولا الوقفة الحازمة لصاحب الشركة التي يعملون بها والتي وفّر على إثرها طائرتين لإرجاعهم إلى أرض الوطن على حسابه الخاص، لكانوا إلى اليوم في ليبيا يواجهون مصيرا مجهولا وسط كلّ هذه الاحداث الدامية التي يعيشها الشعب الليبي في مواجهة طاغيته، كما أكّد هؤلاء العائدون بضرورة محاسبة كلّ من تسبب في إهمالهم والتعامل معهم بكل لامبالاة وكأنّهم ليسوا من أبناء الوطن مجدّدين شكرهم "لعرفهم" فتحي النيفر الّذي لم يكن يهمه سوى سلامة العمال والموظفين بالشركة والّذي أمّن لهم كل ظروف العودة المريحة في إنتظار قدوم رحلة ثانية يوم غد السبت لتحمل من تبقى من عمّال وإطارات الشركة مهما كان الثمن. وبالعودة إلى ممارسات القنصل فقد أكّدت مجموعة أخرى من الشبان أنّه كان يطرد التونسيين من مقرّ السفارة ممن لم يكن لهم من مكان يلتجئون إليه سواه خاصة أنّ كثيرين منهم سُرقت أموالهم وأوراق هويتهم ولم يكن لديهم من ملجإ سوى مقر السفارة، الأكثر من ذلك، أكّد أحد العائدين بأنّ القنصل رفض إقتراحا تركيّا بحمل أعداد كبيرة من التونسيين على ظهر باخرة تركية على أن تتكفل الحكومة التونسية فيما بعد بتأمين عودتهم من تركيا إلى تونس، بل أنّه منع التونسيين ممن أضاعوا جوازات سفرهم من السفر إلى مصر بدعوى أنّه لن يدعوهم يمرّون على الحدود وهو ما أنكرته الوقائع على الحدود المصرية الليبية، فقد أكّد الأشقاء في مصر ترحيبهم بكل التونسيين حتى ممن لا يحملون جوازات سفر في مصر وسماحهم لهم بالعبور لمن يريد ذلك، وقد أكّد كل من إستجوبناهم عمق الحفاوة التي لقوها من الجميع سواء من الليبيين أو المصريين مواطنين عاديين أو مسؤولين مشيرين إلى أنّ سوء المعاملة لم يجدوه سوى من المسؤولين التونسيين سواء في ليبيا كما أسلفنا أو حتى في مصر، فقد أكّد أغلب من تحادثنا معهم بأنّ القنصل في الاسكندرية تسبب في تأخير رحلتهم حوالي ثماني ساعات بعد تراخيه في إمضاء الجوازات وإتمام التراتيب الادارية اللازمة والمتعلقة بالشأن التونسي، أمام حيرة المسؤولين المصريين الّذين كانوا يحاولون التخفيف من أعباء محنتنا وتيسير أمورنا أقصى ما يمكن
أكثر من 500 تونسي لا زالوا عالقين ببنغازي
لئن أكّد العائدون في هذه الرحلة إلى أرض الوطن بأنّ الفضل في ذلك يعود لصاحب الشركة، إلاّ أنّهم تحدثوا عن مئات التونسيين الآخرين ممن لازالوا عالقين في بنغازي وينتظرون تحرّك الحكومة لإنقاذهم وتأمين عودتهم، مشيرين إلى أنّ جلّ البلدان قامت بالتحركات اللازمة وفي وقت قياسي لإجلاء رعاياها إلاّ تونس وبالرّغم من أنّها الاقرب جغرافيا إلى ليبيا إلاّ أنّ خطواتها ظلّت بطيئة في إنقاذ أبناء شعبها، وهو ما يرونه حسب تقديرهم أمر مهين ولا يرتقي لتونس اليوم، تونس ما بعد الثورة التي قلبت الدنيا رأسا على عقب وحرّكت أحرار العالم لنيل حقوقهم، ويبدو أنّ هناك من يحاول جاهدا للإبقاء عليها كما كانت قبل الثورة وأنّ التغيير الّذي حدث ويحدث ما هو إلاّ تغيير في الأسماء ليس أكثر، بعيدا عمّا يأمل الشعب بتحقيقه ويحلم بإنجازه
هي رسالة شكر خاصة حمّلنا إياها كلّ من إلتقيناهم على هامش هذا التحقيق وترجونا أن نفرد لها موقعا خاصا تهم صاحب الشركة التونسية الليبية فتحي النيفر الّذي لم يتردد في حماية كل أبناء شركته من أعلى إطار إلى كل عامل دون تمييز أو فرق، والّذي أكّد بالفعل أنّه ليس مجرّد راس مال لا يبحث سوى عن المال بل رجل بأتم معنى الكلمة، ولم يكفه أن أمّن رحلة العودة إلى ارض الوطن فحسب بل سخّر مختلف وسائل النقل اللازمة من حافلات ولواجات لإيصال كل عامل إلى بلدته أينما كانت والإطمئنان عليه بين اهله وذويه، ونحن إذ نشكر مثل هذه المبادرات الّتي لاتعدّ غريبة لمن يعرف أصحابها، فإنّه لا يفوتنا أن ندعو إلى أن تتحمّل هذه الحكومة مسؤولياتها الكاملة لتأمين عودة من تبقى من أبنائنا الّذين لازالوا عالقين في ليبيا، ولتعلم هذه الحكومة إن كانت لاتعلم بأنّ ذلك يدخل ضمن مسؤولياتها وواجباتها الحتمية مع تجديد شكري لكلّ أشقائنا الليبيين على كرمهم ومواقفهم النبيلة إزاء كلّ التونسيين الّذين إحتموا بهم ولم يتردّدوا في القيام بواجباتهم نحوهم بكل حبّ وإخاء .. ولا شك أنّ القادم سيكون أفضل لمستقبل هذين الشعبين الشقيقين بعد تحررهما من أذيال الحكم السابق ما خفي منه وما ظهر.
إليـاس الڤرڤوري
إستقبل مطار صفاقس زوال يوم الجمعة 25 فيفري 2011 طائرة كانت تقلّ حوالي 260 راكبا فرّوا من جحيم ليبيا الملتهبة بنار الثورة نحو مصر ومن هناك وفّر لهم صاحب الشركة الّتي يعملون بها طائرات لتأمين عودتهم إلى تونس، وتحديدا إلى مطار صفاقس ولم يكتف بذلك بل وفّر لهم أيضا كل وسائل النقل اللاّزمة لتحملهم إلى مختلف مدن الجمهورية الّتي ينتمون إليها، موقع الصحفيين بصفاقس كان حاضرا هناك ليرصد عودة قسم هام من ابنائنا ولم نكن بحاجة إلى أن نسأل هذا أو ذاك، فمنذ أن حطّت اقدام المسافرين على ارض المطار وكثير منهم يصيح ويبحث عن الإعلام ليبلغ رسالته وينقل ما عاشه وقاساه التونسيون هناك ممن انيط بعهدتهم حمايتهم فإذا بهم أول المتخاذلين والمتأخرين عن تأدية واجبهم، وقد تعالت الاصوات في بهو المطار وهي تصيح "يا توانسة بن علي مازال يحكم بن علي مازال يحكم، وما شاهدناه هناك يؤكد أنّ شيئا لم يتغير لاثورة ولا حكومة" بقية التفاصيل مع تصريحات تشي بالكثير اترككم معها في سياق التحقيق التالي
الثورة فاجأتنا والليبيون حمونا
ربما وجب علينا الإشارة بداية بأنّ التونسيين الّذين قدموا الى المطار يوم امس كانوا يشتغلون بمناطق ليبية مختلفة مثل بنغازي والكفرة والبيضاء وجالو وإن إجتمعوا في الايام الاخيرة ببنغازي في رحلة البحث عن حلول للعودة إلى أرض الوطن سالمين، وقد أكّد أغلب من إستجوبناهم بأنّ الثورة الليبية قد فاجأتهم بالفعل وأنّه قبل يوم واحد من إندلاعها لم يكن هناك ما يشير إلى أنّ الأمور ستتطوّر إلى هذا الحد، على أنّه ومع إشتداد المعارك بين شباب الثورة وقوات القذافي، أصبح خروجهم من المنازل شبه منعدم خوفا على حياتهم خاصة بعد خطاب سيف الإسلام القذافي الّذي ألّب كثيرا من الليبيين على الشعب التونسي بعد إتهامه إياهم بالمشاركة في قتل الليبين وتوزيع المخدرات بالإضافة إلى خوفهم من بطش المليشيات المسلحة التابعة للعقيد الليبي والتي كانت تتوعد كل تونسي بالويل والثبور بسبب ما يعتبرونه من أنّ الشباب التونسي هو الّذي كان وراء قيام هذه الثورات في الوطن العربي، وقد أكّد هؤلاء الشباب العائدين بأنّ الليبيين من أبناء المناطق التي كانوا يعملون بها وفّروا لهم جميع المستلزمات من شرب وأكل وحماية لدى التنقل وقد وجدنا إجماعا عاما على توجيه كل رسائل الشكر إلى أبناء ليبيا الشرفاء ممن وقفوا إلى جانبهم ولم يتخلوا عنهم بالرغم من محنتهم تلك دون أن يفوت ايّ واحد ممن إلتقيناهم أن يترحم على شهداء الثورة بليبيا وعلى شجاعة أبنائهم ومواقفهم الرجولية والّتي جسّدت بالفعل الروابط الأخوية التي تجمع بين الشعبين الشقيقين مع الدعاء للثورة الليبية بالنجاح والقدرة على دحر دكتاتور فتك بالبلاد والعباد دون رحمة أو شفقة وكأنّه يقاتل أعداءه وليس أبناء رعيته
حكومة تتراخى في نجدتنا والقنصل يقول لنا ما عندي ما نعمللكم
بعد تحرير بعض المناطق من سيطرة القذافي وقواته قام اغلب التونسيين العاملين بالمناطق المذكورة سابقا إلى اللجوء إلى بنغازي المحررة والتي وجدوا فيها كل الرعاية من جانب الأشقاء الليبيين وكانوا ينتظرون الشيء نفسه من ممثل الحكومة التونسية ما بعد الثورة، ونعني هنا القنصل التونسي ببنغازي ولكنّ النتائج كانت بالفعل مخيّبة للآمال وبإمتياز فقد ذكر هؤلاء العائدون أنّهم كانوا يتصوّرون بأنّ عقلية المسؤول قد تغيّرت بقيام الثورة وتغيّر الاوضاع في تونس ولكنهم أكّدوا بأنّ دار لقمان بقيت على حالها بل لم يجدوا من هذا المسؤول وبإتصالهم بغيره من المسؤولين السياسيين بهذه الحكومة سوى التسويف والمماطلة ، "لم يكن لنا من حلّ سوى اللجوء إلى قنصليتنا ببنغازي" أكّد اغلب من إستجوبناهم، ولكن الردّ كان تقريبا واحدا، "ما عندي ما نعمللكم"، وقد قال آخرون بأنّهم حين كانوا يتصلون بالقنصل كان إمّا لا يردّ عليهم أو يقطع عليهم المكالمة بعد أن يقول لهم "حتى نشوف روحي أنا كيف سأخرج من هنا" الاكثر من ذلك أكّد لنا شهود عيان بأنّ صورة الرئيس المخلوع لازالت معلّقة في مكتب القنصل، وقد أيّد هذه الرواية أكثر من شاهد عيان وقالوا بأنّ الدليل بالصوت والصورة على ذلك يحمله زملاؤهم ممن سيأتون على الطائرة الموالية المنتظر وصولها الى صفاقس يوم غد وبأنّهم سيقومون بفضح هذا القنصل ، مؤكدين بأنّ صورة الرئيس المخلوع وهي معلقة بعد في مكتب القنصل قد صدمتهم وأكّدت حسب قولهم المخاوف التي يحملها ملايين التونسيين كنقاط إستفهام حارقة حول هذه الحكومة التي بات من شبه المؤكد أنّها مازالت تعمل بأنفاس بن علي ، وهو ما حدا بالبعض أن يقول أنّه عازم على الإلتحاق ببقية التونسيين المعتصمين بالقصبة بتونس لأنّه أصبح على يقين بأنّ الحكومة الحالية وخاصة بعد المماطلة وسوء المعاملة التي لقوها من المسؤولين هناك أنّ شيئا من وضعها السابق لم يتغيّر، وأنّه لولا الوقفة الحازمة لصاحب الشركة التي يعملون بها والتي وفّر على إثرها طائرتين لإرجاعهم إلى أرض الوطن على حسابه الخاص، لكانوا إلى اليوم في ليبيا يواجهون مصيرا مجهولا وسط كلّ هذه الاحداث الدامية التي يعيشها الشعب الليبي في مواجهة طاغيته، كما أكّد هؤلاء العائدون بضرورة محاسبة كلّ من تسبب في إهمالهم والتعامل معهم بكل لامبالاة وكأنّهم ليسوا من أبناء الوطن مجدّدين شكرهم "لعرفهم" فتحي النيفر الّذي لم يكن يهمه سوى سلامة العمال والموظفين بالشركة والّذي أمّن لهم كل ظروف العودة المريحة في إنتظار قدوم رحلة ثانية يوم غد السبت لتحمل من تبقى من عمّال وإطارات الشركة مهما كان الثمن. وبالعودة إلى ممارسات القنصل فقد أكّدت مجموعة أخرى من الشبان أنّه كان يطرد التونسيين من مقرّ السفارة ممن لم يكن لهم من مكان يلتجئون إليه سواه خاصة أنّ كثيرين منهم سُرقت أموالهم وأوراق هويتهم ولم يكن لديهم من ملجإ سوى مقر السفارة، الأكثر من ذلك، أكّد أحد العائدين بأنّ القنصل رفض إقتراحا تركيّا بحمل أعداد كبيرة من التونسيين على ظهر باخرة تركية على أن تتكفل الحكومة التونسية فيما بعد بتأمين عودتهم من تركيا إلى تونس، بل أنّه منع التونسيين ممن أضاعوا جوازات سفرهم من السفر إلى مصر بدعوى أنّه لن يدعوهم يمرّون على الحدود وهو ما أنكرته الوقائع على الحدود المصرية الليبية، فقد أكّد الأشقاء في مصر ترحيبهم بكل التونسيين حتى ممن لا يحملون جوازات سفر في مصر وسماحهم لهم بالعبور لمن يريد ذلك، وقد أكّد كل من إستجوبناهم عمق الحفاوة التي لقوها من الجميع سواء من الليبيين أو المصريين مواطنين عاديين أو مسؤولين مشيرين إلى أنّ سوء المعاملة لم يجدوه سوى من المسؤولين التونسيين سواء في ليبيا كما أسلفنا أو حتى في مصر، فقد أكّد أغلب من تحادثنا معهم بأنّ القنصل في الاسكندرية تسبب في تأخير رحلتهم حوالي ثماني ساعات بعد تراخيه في إمضاء الجوازات وإتمام التراتيب الادارية اللازمة والمتعلقة بالشأن التونسي، أمام حيرة المسؤولين المصريين الّذين كانوا يحاولون التخفيف من أعباء محنتنا وتيسير أمورنا أقصى ما يمكن
أكثر من 500 تونسي لا زالوا عالقين ببنغازي
لئن أكّد العائدون في هذه الرحلة إلى أرض الوطن بأنّ الفضل في ذلك يعود لصاحب الشركة، إلاّ أنّهم تحدثوا عن مئات التونسيين الآخرين ممن لازالوا عالقين في بنغازي وينتظرون تحرّك الحكومة لإنقاذهم وتأمين عودتهم، مشيرين إلى أنّ جلّ البلدان قامت بالتحركات اللازمة وفي وقت قياسي لإجلاء رعاياها إلاّ تونس وبالرّغم من أنّها الاقرب جغرافيا إلى ليبيا إلاّ أنّ خطواتها ظلّت بطيئة في إنقاذ أبناء شعبها، وهو ما يرونه حسب تقديرهم أمر مهين ولا يرتقي لتونس اليوم، تونس ما بعد الثورة التي قلبت الدنيا رأسا على عقب وحرّكت أحرار العالم لنيل حقوقهم، ويبدو أنّ هناك من يحاول جاهدا للإبقاء عليها كما كانت قبل الثورة وأنّ التغيير الّذي حدث ويحدث ما هو إلاّ تغيير في الأسماء ليس أكثر، بعيدا عمّا يأمل الشعب بتحقيقه ويحلم بإنجازه
هي رسالة شكر خاصة حمّلنا إياها كلّ من إلتقيناهم على هامش هذا التحقيق وترجونا أن نفرد لها موقعا خاصا تهم صاحب الشركة التونسية الليبية فتحي النيفر الّذي لم يتردد في حماية كل أبناء شركته من أعلى إطار إلى كل عامل دون تمييز أو فرق، والّذي أكّد بالفعل أنّه ليس مجرّد راس مال لا يبحث سوى عن المال بل رجل بأتم معنى الكلمة، ولم يكفه أن أمّن رحلة العودة إلى ارض الوطن فحسب بل سخّر مختلف وسائل النقل اللازمة من حافلات ولواجات لإيصال كل عامل إلى بلدته أينما كانت والإطمئنان عليه بين اهله وذويه، ونحن إذ نشكر مثل هذه المبادرات الّتي لاتعدّ غريبة لمن يعرف أصحابها، فإنّه لا يفوتنا أن ندعو إلى أن تتحمّل هذه الحكومة مسؤولياتها الكاملة لتأمين عودة من تبقى من أبنائنا الّذين لازالوا عالقين في ليبيا، ولتعلم هذه الحكومة إن كانت لاتعلم بأنّ ذلك يدخل ضمن مسؤولياتها وواجباتها الحتمية مع تجديد شكري لكلّ أشقائنا الليبيين على كرمهم ومواقفهم النبيلة إزاء كلّ التونسيين الّذين إحتموا بهم ولم يتردّدوا في القيام بواجباتهم نحوهم بكل حبّ وإخاء .. ولا شك أنّ القادم سيكون أفضل لمستقبل هذين الشعبين الشقيقين بعد تحررهما من أذيال الحكم السابق ما خفي منه وما ظهر.
إليـاس الڤرڤوري
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire